top of page

ذكري رحيل الرئيس التونسي الأول الحبيب بورقيبة



متابعة الحبيب بنصالح تونس


ذكري رحيل الرئيس التونسي الأول الحبيب بورقيبة

في مثل هذا اليوم 6 أفريل من سنة : 2000 - الإعلان عن وفاة الحبيب بورقيبة، زعيم وطني وأول رئيس للجمهورية التونسية.


- الحبيب بورقيبة : ولد في 3 أوت 1903 - توفي في 6 أفريل 2000، (97 سنة).

- وُلد بالمنستير في عائلة متوسّطة الحال (كان أبوه ضابطا في حرس الباي)، وكان أصغر ثمانية إخوة وأخوات، تلقّى تعليمه الثانوي بالمعهد الصادقي فمعهد كارنو بتونس، ثم توجه إلى باريس سنة 1924 بعد حصوله على الباكالوريا وانخرط في كلية الحقوق والعلوم السياسية وحصل على الإجازة سنة 1927. ثم عاد إلى تونس ليشتغل بالمحاماة.


- إثر عودته إلى تونس سنة 1927 بدأ بورقيبة نشاطه السياسي بتحرير المقالات في الصحف الوطنية "صوت التونسي" و"العلم التونسي"، و أسّس سنة 1932 مع أصدقائه جريدة "العمل التونسي".



- التحق بالهيئة التنفيذية للحزب الحر الدستوري التونسي يوم 12 ماي 1933، ليستقيل منها يوم 9 سبتمبر من نفس السنة بعد أن كان محلّ انتقادات شديدة من قيادة الحزب لمشاركته في الوفد الذي احتجّ للباي على دفن أحد المجنّسين بمقبرة المسلمين.


- وفي 2 مارس 1934، دعا بورقيبة ومجموعة من رفاقه إلى مؤتمر خارق للعادة بدار الحبيب عيّاد في قصر هلال، قُرّر فيه حلّ الهيئة التنفيذية وإحداث ديوان سياسي متكوّن من : الدكتور محمود الماطري رئيسا، الحبيب بورقيبة أمينا عامّا، البحري قيقة والطاهر صفر ومحمّد بورقيبة أعضاء مؤسّسين للحزب الحرّ الدستوري التونسي الجديد.


- إثر تأسيس حزب الدستور الجديد، اشتد القمع الاستعماري وتمّ إبعاد بورقيبة ورفاقه الى ڨبلّي ثم "برج لبوف" بأقصى الصحراء التونسية في ظروف قاسية جدّا. بينما تواصل الكفاح في المدن والقرى من أجل تحرير قيادات الحزب، إلى أن أُطلِق سراحهم مع وصول الجبهة الشعبية الى الحكم في فرنسا.



- وبعد وعود الحكومة الفرنسية الزائفة وخيبة الأمل، اشتدت لهجة الحزب مجدّدًا، وبلغت ذروتها في مؤتمر نهج التريبونال سنة 1937، ثمّ حصل الصدام الدموي في أحداث 8 و 9 أفريل 1938. وتمّت مطاردة قيادات الحزب واعتقال الزعيم بورقيبة ورفاقه بالسجن المدني، ثم السجن العسكري واتّهِموا بالتآمر ضد الدولة، ليتمّ نقلهم الى تبرسق، ثمّ إلى السجون الفرنسية.


- تمّ تسليم بورقيبة للسلطات الايطالية الفاشية من قِبَل "حكومة فيشي" الموالية للمحور أثناء الحرب العالمية الثانية، ونُقل بورقيبة إلى روما أين كانت الحكومة الإيطالية تحاول استمالته ليساند قوّات المحور. إلّا أنّ بورقيبة اجتنب ذلك، لأنّه كان يعرف طبيعة أطماع إيطاليا في تونس من جهة، ولأنه كان متأكّدا من انتصار قوّات الحلفاء من جهة أخرى. إلّا أنّ الحكومة الفرنسية طاردته من جديد بعد هزيمة المحور بتعلّة مساندته الموهومة لألمانيا النا*زية، ممّا جعل بورقيبة يلجأ إلى القاهرة عبر ليبيا سنة 1945.


- استغلّ فترة مكوثه بالشرق للتعريف بالقضية التونسية على الصعيد الدولي، فأسّس صحبة الزعيم المغربي عبد الكريم الخطابي مكتب المغرب العربي، ثمّ ذهب في الأثناء إلى الأمم المتحدة بنيويورك سنة 1946 لضمان الدعم الديبلوماسي للقضية التونسية.


- عاد إلى تونس في 1949 حيث استأنف النضال السياسي بتونس ثم بفرنسا، وساند في سنة 1950 مشاركة صالح بن يوسف في حكومة محمّد شنيق للدخول في مفاوضات مع الحكومة الفرنسية حول "النقاط السبع" التي طرحها بورقيبة. إلّا أنّ تجربة المفاوضات فشلت إثر "مذكّرة شومان" الشهيرة بتاريخ 15 ديسمبر 1951 التّي رفضها بورقيبة بشدّة لتندلع الثورة المسلّحة في 18 جانفي 1952.


- اعتقل بورقيبة من جديد إثر اندلاع الثورة، و تمّ إبعاده إلى جزيرة جالطة لمدّة عامين، ثمّ إلى فرنسا. وبلغ القمع الاستعماري حدّا كبيرا من الشراسة، إذ سُجن عدد كبير من المناضلين وحكم على الكثيرين منهم بالاعدام، واغتيل الزعيم فرحات حشاد في 5 ديسمبر 1952، والزعيم الهادي شاكر في 13 سبتمبر 1953.



- إثر وصول "منداس فرانس" إلى الحكم في فرنسا سنة 1954 وإعلانه الشهير أمام الأمين باي عن قبول فرنسا بمبدإ الاستقلال الداخلي، تمّ تشكيل حكومة تونسية برئاسة الطاهر بن عمّار وبمشاركة ثلاثة وزراء دستوريين للتفاوض مع فرنسا بتنسيق مع بورقيبة. وأسفرت المفاوضات والاجتماعات السريّة بين بورقيبة و"منداس فرانس" إلى عودة الحبيب بورقيبة إلى أرض الوطن في 1 جوان 1955 في يوم تاريخي، وتوقيع اتفاقيّة الاستقلال الداخلي في 3 جوان من نفس السنة.

- عارض رفيقه صالح بن يوسف (الأمين العام للحزب الحر الدستوري الجديد) المعاهدة، ووصفها بأنها رجوع إلى الوراء، مما تسبب في انشقاق الحزب وانقسام البلاد إلى فريقين ودخولهما في صراع شرس ودموي سقط خلاله العديد من القتلى... انتهى هذا الخلاف باغتيال صالح بن يوسف في فرانكفورت بألمانيا في أوت 1961؛ ولكن مخلّفاته ما زالت تلقي بظلالها إلى اليوم وخاصة في الفضاء الفايسبوكي.



- تمّ إعلان الاستقلال التامّ يوم 20 مارس 1956. ثم تمّت انتخابات المجلس القومي التأسيسي يوم 8 أفريل 1956 وانتخب بورقيبة رئيسا للمجلس، قبل أن يتمّ تكليفه بتكوين ورئاسة الحكومة.


- شرع بورقيبة في القيام باصلاحات عميقة في المجتمع التونسي، أهمّها إلزامية و تعميم التعليم والصحّة، واصدار مجلّة الأحوال الشخصية يوم 13 أوت 1956 التي منعت تعدّد الزوجات، ومنحت حقّ الاجهاض (وقد سبق في ذلك دولا مثل فرنسا) ...وأغلق المحاكم الشرعية وأغلق الديوان الشرعي، ووحّد القضاء.


- تمّ إلغاء الملَكية و إعلان الجمهورية برئاسة الحبيب بورقيبة يوم 25 جويلية 1957 وانتُخب بورقيبة أوّل رئيس للجمهورية بعد المصادقة عن الدستور يوم 1 جوان 1959.


- تواصلت معركة فرض السيادة التونسية في ظروف صعبة نظرا للحرب في الجزائر، ثم حرب بنزرت التي سقط فيها عديد الشهداء والتي أدّت إلى جلاء آخر جندي فرنسي عن التراب التونسي يوم 15 أكتوبر 1963. ووُقّع قانون تأميم الأراضي في 12 ماي 1964، (83 سنة يوما بيوم بعد توقيع معاهدة باردو اتفاقية الحماية سنة 1881).



- عرفت فترة حكم بورقيبة تجارب اقتصادية مختلفة : التجربة التعاضدية في الستّينات بقيادة أحمد بن صالح انتهت بأزمة اقتصادية خانقة، والتجربة الليبيراليّة مع حكومة الهادي نويرة في السبعينات.


* خارجيا، أعلن بورقيبة بوضوح تحالفه مع الغرب، ورحّب بالسياسة الأمريكية في المنطقة، ولم يدخل في نزاع مع الاتحاد السوفياتي لكنه لم يُقِم معه علاقات اقتصادية أو عسكرية.


- عرفت علاقته بالتيار القومي بقيادة جمال عبد الناصر توترات مستمرة بسبب تدخله في الشؤون الداخلية التونسية ومساندته للزعيم صالح بن يوسف الذي استقوى به واستقرّ في القاهرة؛ وبسبب عدد من مواقف بورقيبة، من قبيل دعوته الفلسطينيين في خطاب له بأريحا في 3 مارس 1965 بقبول قرار التقسيم مع مواصلة الكفاح، والاقتداء بالتجربة التونسية في التحرّر.


- كما شهدت فترة حكم بورقيبة هزّات مختلفة كمحاولة الانقلاب الفاشلة سنة 1962، وأحداث جانفي سنة 1978، وأحداث الخبز في جانفي سنة 1984.


- كانت سلطة بورقيبة تتّسم بالأبويّة إذ كان يرفض التعدّديّة السياسية، ويعتبرها "ترفا لم يكن الشعب ناضجا لها بعدُ"... فرغم حرصه على توسيع قاعدة حزبه وتشجيع الشباب على تحمل مسؤوليات سياسية قيادية، فإنه لم يَعِد بالديمقراطية قط؛ ذلك أن التعددية السياسية في نظره، "تنطوي على خطر الانقسام وإيقاظ النّعرات القبلية والرجعية”، وكان يعتقد أن سيطرة حزبه على النقابات وفرض الرقابة على الصحافة وحظر التعددية هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق مشروعه التنموي...



- انتهى حكم بورڨيبة يوم 7 نوفمبر 1987 لمّا قام الوزير الأول زين العابدين بن علي بإزاحته بشهادة طبّية تشير إلى "انعدام قدراته العقلية والبدنية"، ليُصبح بن علي رئيسا للجمهورية.


- أُعلِن عن وفاة الحبيب بورڨيبة يوم 6 أفريل 2000 بمسقط رأسه المنستير أين قضّى آخر سنين حياته في الإقامة الجبرية.


في سيرة الحبيب بورقيبة (1903 – 2000) اختصار للتاريخ المعاصر للبلاد التونسية، أو للجمهورية. وعند القول بأن الرجل يختصر تاريخ الدولة الوطنية فإن ذلك لا يعني إصطفافا مع المناصرين له أو المنتقدين لمسيرته ، بل هو إقرار بالتصاق ذلك التاريخ بِمنجَز الرجل..

أسامة الراعي

Comments


bottom of page