فاتيكان نيوز - الصداقة
في العام ٢٠١٥ أبصرت النور جامعة إربيل الكاثوليكية، في إقليم كردستان بشمال العراق، والتي تقدم التعليم العالي والمنح الدراسية والدعم للأقليات العراقية التي عانت في ظل حكم الميليشيات الجهادية. الهدف من إنشاء الجامعة، كما يقول الكاهن العراقي الكلداني كرم شماشة يتمثل في تعزيز التعايش السلمي بين المكونات العرقية والدينية في العراق وفي تكوين جماعة حية.
في العام ٢٠١٤ بدأ تنظيم الدولة الإسلامية يجتاح المناطق في شمال العراق مسيطراً على مساحات شاسعة، ما أدى إلى تهجير جماعي للسكان المحليين، لاسيما الأقليات المسيحية والأيزيدية والتركمانية والشاباك. كثيرون من هؤلاء وجدوا ملجأ آمناً في المنطقة الكردية شمال شرق البلاد، حيث سعت الكنيسة المحلية إلى توفير المأوى والطعام والأدوية لهؤلاء المهجرين.
ويقول الأب شماشة في حديث لموقع فاتيكان نيوز الإلكتروني إن هذه المبادرات الخيرية تطورت لتطلق مشروعاً كبيراً جداً، ألا وهو إنشاء جامعة كاثوليكية في إربيل، بهدف أن تصبح منارة وسط الفوضى والدمار، وأن تفتح أبوابها للطلاب القادمين من كل حدب وصوب، وخصوصا من عانوا بسبب العنف. عن هذا المشروع تحدث العام الماضي رئيس أساقفة إربيل للكلدان ورئيس مجلس إدارة الجامعة المطران بشار وردة، خلال زيارته لجامعة بوسطن الأمريكية، مؤكدا أن الصرح التعليمي العالي فتح ذراعيه للجميع، ولاسيما من المهجرين المسيحيين والأيزيديين الذين ذهبوا ضحية تنظيم داعش. وقال سيادته في تلك المناسبة إن الجامعة ملتزمة بأن تكون صوتاً قوياً وعالياً لمن عانوا في تلك المرحلة.
في هذا السياق شاء الأب شماشة أن يتوقف عند الدعم الذي تقدمه الجامعة للأيزيديين، الذين تعرضوا لعملية إبادة من قبل داعش، فاقت ببشاعتها ما تعرض له المسيحيون من عنف واضطهاد في المنطقة. وأوضح أنه بفضل سخاء العديد من المتبرعين، الكاثوليك وغير الكاثوليك، تمكنت الجامعة من تخصيص العديد من المنح الدراسية للطلاب الأيزيديين كل سنة، كما تنظم مناسبات وفعاليات تسلط الضوء على الثقافة الأيزيدية، شأن الاحتفال سنوياً برأس السنة الأيزيدية، وتتعاون أيضا مع المنظمات الملتزمة في الدفاع عن حقوق تلك الجماعة. وأضاف أنه بفضل التعاون مع المؤسسة الحبرية "مساعدة الكنيسة المتألمة" تخصص الجامعة سنوياً منحاً دراسية تحمل اسم "البابا فرنسيس" وهي موجهة أساسا إلى الطلاب المسيحيين.
بعد مرور تسع سنوات على تأسيسها، باتت جامعة إربيل الكاثوليكية تضم أكثر من ستمائة طالب، قدموا من مختلف الخلفيات. وقد شاء الكاهن العراقي أن يتحدث عن مبادرة نُظمت مؤخراً، وهي عبارة عن برنامج للدراسات الشرقية، وهو الأول من نوعه في المنطقة، يقدم دورات دراسية بشأن الأديان والأعراق التي سكنت في أراضي ما بين النهرين، بالإضافة إلى دورات في اللغة الكردية واللاهوت الكاثوليكي، وأسفار التوراة. وختم الأب شماشة حديثه بالقول إن هذه المبادرة، التي أطلقت مؤخراً، تهدف إلى تعزيز التعايش السلمي بين مختلف الأعراق والأديان في العراق، وتسعى أيضا إلى تكوين جماعة تنبض حياة.
يقول القيمون على مشروع إنشاء الجامعة إن الهدف من هذه المبادرة يتمثل في توحيد الشبان ضمن مسيرة تربوية تقود نحو مستقبل من الرخاء والسلام، مع العلم أن مجلس أساقفة إيطاليا ساهم في تحقيق هذا الحلم الذي شاءه بشدة. وقد سبق أن صرح مدير الفرع الإيطالي لـ"مساعدة الكنيسة المتألمة" ألسندرو مونتيدورو بأنه ضمن قاعات الجامعة يترسخ الحوار والتناغم والتعاون، وهي الأسس التي يُبنى عليها الانتماء المشترك إلى أرض العراق، على أمل ألا تتكرر الأحداث الأليمة التي عاشتها البلاد خلال السنوات العشرين الماضية.
Comments